فترة المراهقة

مع اقتراب الفتاة من نهاية المرحلة الإعدادية ودخولها فى المرحلة الثانوية
تفاجأ بأنها قد دخلت عالماً جديداً من حياتها.. عالماً تختلط فيه أحاسيس
الفرحة بالأنوثة بأحاسيس الخوف من التغيرات التى طرأت عليها.. عالماً يختلف
عن دنيا الطفولة وبهجتها وفرحتها.. فتتخلى عن الفيونكة وتودع الزمزمية
التى كانت تضعها فى حقيبتها المدرسية وشقاوتها مع الأولاد لتواجه هموماً
ومشاكل نفسية واجتماعية عديدة تميز طبيعة مرحلة المراهقة التى تعيشها..
وتجد لديها رغبة شديدة وحب استطلاع للتعرف على كل شيء، تتساءل عن هذه
التغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية التى طرأت عليها، وهل تناقشها
مع نفسها أم مع صديقاتها المقربات إليها، أم مع من لديهن خبرة أم مع
الإخصائية النفسية والاجتماعية بالمدرسة؟.. وهل تعبر هذه المرحلة الخطيرة
بهدوء وسلام أم تجد نفسها سجينة متاعب نفسية تؤرقها؟
ـ ـو فى التشخيص لهذه المرحلة وخطورتها إنها ترجع إلى الفجوة الكبيرة ما
بين النمو الفسيولوجى والجسمانى للشاب أو الفتاة وبين عدم النمو الاجتماعى
والنفسي.. وهذه الفجوة تخلق نوعاً من الهزة النفسية لدى الفتى أو الفتاة،
لأنه يحاول أن يعوض إحساسه بالنقص وعدم النضج النفسى والاجتماعي، فهو يرى
نفسه وكأنه أصبح رجلاً مكتملاً وترى الفتاة نفسها وكأنها صارت أنثى مكتملة
ولكنهم مازالوا يعتمدون على الأسرة ومازالت خبرتهم فى الحياة قليلة ولا
يزال أسلوب احتياجاتهم للمجتمع العائلى ومجتمع المدرسة والمجتمع الكبير
يخلق لديهم إحساسا بالدونية والنقص فيحاولون تعويض هذا الإحساس بالتمرد
والرفض والعصيان وإثبات الذات بصورة فيها شيء من الاندفاع السلوكى غير
المحسوب.
ولذلك فإننا نجد أن هناك تغيرات نفسية وبيولوجية وفسيولوجية واجتماعية
عديدة تطرأ على الفتاة والفتى فى هذه السن ومن المهم جدا التقرب إلى
المراهق والعمل على تجنبه مشاكل واضطرابات المراهقة وهذا يعتمد أساسا ـ على
الحب والصداقة وتفهم ظروفه والتقرب إليه لتعزيز موقفه أمام نفسه وتعزيز
إحساسه بذاته.إن هذا لا يأتى بالكراهية أو العناد أو العقاب ولا بالصمت أو
الرفض أو التجاهل، لكن بالحب والصداقة والحوار الديمقراطى وإعطاء المراهق
بعض الواجبات التى يثبت فيها ذاته وبعض المسئوليات التى يشعر معها بأنه رجل
مكتمل وتشعر الفتاة بأنها أنثى مكتملة.
حب المراهقة
وأن المشاكل المرتبطة بالحالات العاطفية تكثر فى المدارس، فطبيعة المراهق
فيها اندفاعات عاطفية، لأنه لا يزال ينمو وجدانيا فيحاول أن يتقرب من الجنس
الآخر، وهذا التقرب لا يكون محسوباً وليس مبنيا على نضج أو وعى أو خبرة،
وهذه الخبرة الضعيفة من الناحية العاطفية تجعله يصطدم بالواقع فتؤثر عليه
نفسيا وتخلق لديه اضطرابات خوف وقلق واكتئاب وصدمات وصراع نفسي.
وتتعلق أهم التغيرات الفسيولوجية التى تطرأ على الفتاة والفتى فى هذه السن
بالنمو الجسدى مع اكتمال إفرازات الهرمونات التى تظهر أنوثة الفتاة ورجولة
الشاب.هذه التغيرات تظهر على جسم الشاب والفتاة مع النمو الهائل الذى يجعله
قد ولد رجلا أو ولدت كأنثى فى مرحلة المراهقة، ولذلك نقول إنها مرحلة
ولادة الرجل والأنثى وتبدأ خلال السن من 11 إلى 21 سنة.
وعن التغير النفسى فى هذه المرحلة : إنه يكون فى شكل اعتزاز المراهق بنفسه
ومحاولة إثبات ذاته والتعرف على هويته وشخصيته، وكذلك محاولة التقرب إلى
الجماعة التى هى فى مثل عمره ويتمرد على من هم أكبر منه.
كذلك فهو يحاول أن يثبت ذلك باندفاعات سلوكية تجره أحيانا إلى مخاطر، كما
يكون هوائيا مندفعاً فى أفكاره، وقد تصيبه بعض التقلبات الوجدانية.. أحيانا
يكون حزينا أو عصبيا أو خائفا وأحيانا يكون مرحاً.. هذه كلها تقلبات
وجدانية طبيعية فى مرحلة المراهقة من الناحية النفسية.
أيضا قد تتطرف أفكاره وتشرد وقد يعتنق أفكاراً يمينية أو يسارية بأى شكل من
الأشكال، واجتماعياً فهو ـ أى المراهق ـ كما قلنا يتقرب إلى الجماعة التى
هى من نوعه وسنه ويحلو له أن يتمرد على من هم أكبر منه، ويألف الجماعة التى
يثبت فيها ذاته ويحقق فيها هويته.. وقد ينطوى المراهق على نفسه فى بعض
الأوقات وقد يندفع اجتماعياً فى مجموعته.
أشكال وطرق إثبات الذات

أما عن المشاكل الأسرية التى تواجه الفتاة فى هذا العمر فإنها غالباً ما
تتعلق باصطدامها بالسلطة التى تتمثل فى الأب والأم والإخوة الكبار، فهى
تتصور أنهم يقفون ضدها ويحاولون توجيه النصائح إليها بشكل تجد نفسها مضطرة
للتصرف عكسها، كل هذا نتيجة عدم وجود جسر للحوار بينها وبينهم، وهذا يتم
تجاوزه بالحب والاحتواء والعواطف والصداقة.
وكل أم أن تهيئ ابنتها وتعدها للدخول فى هذه المرحلة وتعمل على توعيتها
وهذا يحدث بشكل طيب حينما تكون لدى الأم معرفة وثقافة ووعى عام..
يمكنها من إعطاء ابنتها فكرة لما يحدث فى هذه المرحلة والتغيرات التى تطرأ
عليها.. بالإضافة للدور المهم الذى يجب أن تقوم به المدرسة فى هذا الشأن.
وأن المشاكل التى تتعرض لها الفتاة فى المدينة أكثر منها لدى فتاة الريف
نتيجة لهدوء الريف وتماسكه وتقاليده بعــــــــــــــــــالحضر الذى يتسم بالزحام والضغوط
والتنافس والتوتر والتطلعات المرتفعة.
شلة الصديقات
وعلى المستوى الاجتماعى تشعر الفتاة أنها كانت تلعب مع أولاد وبنات بشكل
طبيعى وكان لهم معها حكايات وقصص وطريقة فى الحديث، بينما فى هذه السن يحدث
بعض الانفصال بين عالم الإناث وعالم الذكور وتبدأ فى تكوين شلة الصديقات
التى من الممكن أن تحل محل البيت، وربما تؤثر فيها أكثر من تأثير الأب
والأم، وترتبط الفتاة كثيراً بصديقة أو أكثر.. وتحكى لها همومها وعلاقاتها
وحياتهاوأن مشاكل الوالدين تنعــــــــــــــــــعلى الفتاة وتعمل على اضطرابها نفسيا،
وإذا كان الأب عنيفا يفتقد الحنان فإنها قد تكرهه، بل وقد تكره كل الرجال
فى هيئة هذا الأب، وإذا كانت الأم مطيعة لأقصى حد فإنها تكره هذه الطريقة
فى الحياة، وقد تكره الزواج ولا تتمنى أن تكون هذه المرأة.نعم لا توجد أسرة
تخلو من المشاكل، وإن اختلفت مستوياتها ونوعياتها، لكن على الأب والأم أن
يحرصا على أن يكون الأبناء بعيدين عنها.وأن هذه المرحلة العمرية قد تمر
بهدوء وسلام ودون مطبات أو إعاقات إذا كانت الأسرة متفهمة لهذه الأمور وإذا
كانت المدرسة متفهمة أيضا وتقوم بدورها تجاه الفتيات فى هذه السن..ـ وعن
دور الإخصائية النفسية والاجتماعية فى المدرسة أنه كى تكون هناك نتيجة
ملموسة لدورهما يجب أن تهتم كل منهما بعدد معين من الفتيات يتناسب مع نسبة
الطالبات فى المدرسة حتى تتفرغ ذهنياً ونفسياً بما يسمح لها باستيعاب مشاكل
المجموعة التى تهتم بها ولابد أن يكون للإخصائية النفسية القابلية للقيام
بدورها ووظيفتها دون أن تفرضها عليها القوى العاملة..ويجب أن تكون شخصيتها
بما تسمح بأن تعطى الثقة للطالبة وتتقرب منها يصيران صديقتين حتى تطمئن
الفتاة بأن مشاكلها لن تبوح بها الإخصائية المشرفة عليها لأى أحد، فعندما
تشعر الفتاة بهذه الثقة فإنها ستحكى كل شيء دون تحفظ.
أمان الأم مهم لجعل الفتاة
كتاباً مفتوحاً
وتقول احدى الفتيات أن الفتيات عموماً لديهن ميل إلى إعطاء أسرارهن إلى
أحد.. لكن هل يكون هذا الغير الأم أم الأخت أم الصديقة.. إن هذا يرجع
لطبيعة النشأة والتربية، فعندما تكون الأم قريبة من ابنتها وتشعر معها
بالأمان، فهى تكشف عن أسرارها لأمها وتجد فيها الصديقة وهذا يكون حسب
تعودها منذ الصغر.وفى رأيى ـ تضيف إيمان ـ: يجب على كل أم أن تعطى هذا
الأمان لابنتها حتى لا تتورط ابنتها فى أى شيء ربما يتسبب فى ضياع
مستقبلها.أما إذا كانت الأم متشددة فى تعاملها مع ابنتها فإما أن تلجأ
لأختها إذا كان لها أخت وكانت قريبة منها عمريا، أما إذا كان فارق السن
بينهما كبير، فمن الصعب أن تبوح لها بأسرارها إلا إذا كانت قريبة جدا منها،
والحل الأخير أمامها هو أن تلجأ الفتاة لصديقتها المقربة جداً منها وهذا
يكون من أخطر الحلول، لأنها ستكون فى نفس العمروسيكون التفكير موحداً
لديهما وستكون آراء هذه الصديقة هوائية ومراهقة وهذا لا يفيد الفتيات بقدر
ما يضرهن أكبر الضرر.. وفى رأيى فإن هذا خطأ الأم من البداية لأنها لم تعط
لابنتها الثقة وتخلق بينهما لغة حوار وصداقة منذ الصغر.

والأهم من ذلك ألا تزجر الفتاة عندما تحكى لها عن خطأ وقعت فيه، بل تسدى لها النصيحة فى البداية بشكل يبتعد عن لغة الأوامر..
فالفتاة فى هذه السن تحتاج إلى من يفتش عن أسرارها